يقول ابن القَيِّم - رحمه الله -: "إذا ترحلت الغَيْرة من القلْب، ترحلت منه المحبَّة، بل ترحل منه الدِّين كله ...
من فترة ليست بطويلة ، كان يوجد زوج اتفق في التجهيز لعُرسه مع زوجته أن ترتدي فستان محتشم .. وإذ به يتفاجئ عند مصفف الشعر بمخالفتها لطلبه وخلعها للحجاب تماماً بل أنها ارتدت فستان مكشوف الصدر .. وعند إعتراضه وجد من أهلها الصد والإتهام بالجهل والتخلف ، بعد رفضهم لطلبه وإستحالة قبوله لما فعلوه .. قام بتطليق زوجته قبل الزفاف ، وتبدل حال الليلة وانقضت دون اتمام العُرس ...
يشيب رأسي وأنا أري الأب والأخ أو حتي الزوج يترك بناته ونسائه يخرجن في الشرفات دون حجاب بل بملابس كاشفة لا يصح ظهورها لرجال غرباء ، بحجة أن الشرفة جزء من المنزل .. لا والله أليست مكشوفة من الطريق كله .. والأدهي والأمّر من يترك عرضه خارجاً من داره وهو متاح لجميع الناس كي يشاهدوه ويتحدثوا عن تفاصيله ...
إن من المُخزي الآن انعدام الغيرة واعطاء تبريرات وأعذار لمجرد عدم الشعور بالذنب .. لماذا يتغافل الناس في أفراحهم عن الحجاب بحُجة أنها ليلة واحدة وليلة العمر وهكذا دواليك ، ألن تكتمل الأفراح بالحجاب ، هل سنصبح به مُتخلفين وغير متحضرين .. أوليس الحجاب هو قمة الرقي الإنساني !!
" ألم تسمعوا عن أزواج اختارهم الموت أثناء عودتهم من أفراحهم .. أوليس من مات علي شئ بُعث عليه ... "
تاريخياً .. من أسباب وأد البنات في جاهلية العرب هو الغيرة ، وكان من أوائل من فعل هذا شخص يُدعي قيس بن عاصم ، حدث أن ابنته أُسرت وقامت بسببها حرب ، وخُيرت في الرجوع لأبيها ولكنها رفضت وتزوجت ممن أسرها .. فغضب قيس وقام بوأد جميع بناته ..كانت ردة الفعل تلك مُبالغ فيها بالطبع ولكننا نتحدث أن الغيرة كانت طبع عربي أصيل ، فكان العربي لا يطيق أن ينظر أحد إلي ابنته او زوجته ...
سرد أحداث التاريخ العربي الجاهلي ، لم تكن لمجارتهم في الفعل إنما كانت لإيضاح الفكرة .. جاء الإسلام ونظم أخلاق العرب وصفاتهم فأبقي علي ما هو حميد وهذبه وقضي علي ما هو خبيث وأبعده ، فمثلاً وضح حدود للغيرة وبينها وسنّها الرسول الكريم - صلي الله عليه وسلم - وتمسك الصحبة بهذا الأدب شأنه شأن غيره من واجبات الإيمان وشعبه ...
للغيرة ضوابط وحدود فلا يجوز الإفراط ولا التفريط ، فينقسم بنو أدم في غيرتهن إلي أربعة أقسام ...
قوم لا يغارون علي حرمات الله : مثل الديوث والقواد وغير ذلك من أهل الإباحة .
وقوم يغارون علي ما حرمه الله وما أمر به : مما هو من نوع الحب والكره يجعلون ذلك غيرة فيكره احدهم من غيره أمورا يحبها الله ورسوله ومنهم من جعل ذلك طريقا ودينا ويجعلون الحسد والصد عن سبيل الله وبغض ما أحبه الله ورسوله غيرة.
وقوم يغارون على ما أمر الله به دون ما حرمه : فنراهم في الفواحش لا يبغضونها ولا يكرهونها بل يبغضون الصلوات والعبادات .
وقوم يغارون مما يكرهه الله ويحبون ما يحبه الله : هؤلاء هم أهل الإيمان .
ففي الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ثلاثة لا ينظر الله عز وجل إليهم يوم القيامة: العاق لوالديه، والمرأة المترجلة، والديوث".
: (وَالدَّيُّوث) وَهُوَ الَّذِي لَا غَيْرَة لَهُ عَلَى أَهْلِهِ.
وتنقسم الغيرة إلي نوعين وهما لغيرة المحمودة وهي الغيرة الواجبة ، والغيرة المذمومة وهي الغير الواجبة ..
أما الغيرة المستحبة هي : ما يتضمنه النهي عن المخزي .
الغيرة الغير المستحبة هي : الغيرة مما أحله الله .
- لضعف لغيرة عدة أسباب
المعاصي وضعف الإيمان
الإنغماس في الشهوات
ضعف قوامة الرجل
إعتبار الغيرة من العادات والتقاليد
التساهل في المسؤلية
وما عجب أن النساء ترجلت ولكن تأنيث الرجال عجاب
إنما هذا المقال تعبير عن حالة من الحنق الشديد لما نعاصره في زماننا مدعوماً بالمشاهد ، مؤرخاً لبعض الأحداث .. موضحاً الموقف من جانب ديننا الحنيف .. محفزاً علي التطبع بالأداب والأخلاق المحمودة ...
لعل كلماتي ومقالي هذا ينفعكم ويكون شفيعاً لي عند ربي ...
تعليقات
إرسال تعليق